مدفع الواتساب – تجربة وطريقة تسويق مختلفة

الوصول الى المستخدمين للتأثير عليهم في السعودية واقناعهم بشراء منتج او قراءة محتوى حرب تكسير عظام، يتعارك فيها شركات كبرى وجهات حكومية ومنظمات غير ربحية ولاعبون عالميون وشركات ناشئة وأفراد، يخر يوميا الكثير منهم صرعى بأسعار النقرة الواحدة أو بتكلفة الاستحواذ، جنون ممنهج زاده جنونا تغييرات أبل على خصوصية المستخدمين فأضحت الأمور خارج السيطرة.

ماذا يفعل العاملون بالتسويق في ظروف كهذه؟ التفكير بذات العقلية واستخدام ذات الأدوات لن يأخذك بعيدا، لذا من الواجب ان تفكر بطريقة مختلفة.

نقطة أخيرة قبل أن نغوص في تفاصيل التجربة، تحاول الشركات الوصول الى المستخدمين غالبا عبر:

  • شبكات التواصل الاجتماعي.
  • منصات الفيديو
  • إعلانات البحث
  • الإعلانات المرئية (البانرات).
  • المؤثرين.
  • SMS

ويحاول الافراد والشركات الناشئة الوصول الى المستخدمين عبر:

  • الشبكات الاجتماعية.
  • النشر الفيروسي عبر واتساب.

 

واتساب؟ كلنا يعلم أنه الأكثر انتشارا في السعودية فلماذا لا تستخدمه الشركات ذات الميزانيات المليونية في التسويق؟ ببساطة لأن واتساب لا يسمح بذلك، لواتساب واجهة برمجية API تسمح بثلاث أنواع من المحتوى:

  • التنبيهات: مثل ابلاغ العميل ان شحنته قد تم ارسالها، نسخة من فاتورته، وخلافها مما يسمى بالـ Transactional Notifications
  • المحتوى التجاري: مثل ابلاغ العميل بوصول منتج معين، وجود تخفيضات وخصومات.
  • خدمة العملاء: وهذه يبدؤها العميل غالبا للحصول على إجابات بالتواصل مع رقم الشركة على واتساب.

ممتاز، يمكن إذا للشركات التسويق عبر واتساب، صحيح يتم التسويق عبر الخيار الثاني لكنه مكلف جدا، ويجب على كل رسالة ان تحصل على موافقة فريق واتساب قبل نشرها، فلا تبدو لي وسيلة جيدة للتواصل والتسويق.

 

في العام 2018 قمت بتجربة جانبية، تشترط عليك واتساب حتى في الظروف الاعتيادية كمستخدم بسيط ألا تقوم بارسال رسائل كثيرة الى رقم لا تعرفه، او ليس محفوظا في جهات اتصالك (التي يحصل واتساب على نسخة منها)، أخذت هذه الأشياء بالاعتبار وقمت بالتجربة التالية مع عدد من صناع المحتوى ومتاجر ناشئة:

  • يقوم المتجر او صانع المحتوى بتخصيص رقم على واتساب.
  • قمت بربط هذا الرقم على خدمة Wessenger وهي مجرد واجهة تستخدم Whatsapp Web وتقدم أداتين: API + Webhook، ثم بنيت نظاما يقوم بتسجيل الراغبين في الحصول على رسائل هذا الرقم في قاعدة بيانات.
  • يقوم المتجر او صانع بنشر هذا الرقم.
  • يقوم المستخدمون المهتمون بارسال الرقم “1” الى هذا الرقم عبر واتساب للتسجيل ليحصلون على رسالة تأكيد باشتراكهم، عند الرغبة في الغاء الاشتراك يرسلون الرقم “0”، ما يرسل عدا هذين الرقمين لا يقبله النظام.
  • عند الاشتراك في القناة، يقوم النظام برفع الرقم الى Google Contacts ثم يضيفها على الجوال المشغل لرقم الواتساب، فكل مشترك مضاف في قائمة الاتصال للرقم، كما تصل المشترك رسالة تشجيعية لحفظ رقم المتجر او صانع المحتوى لديه.
  • يقوم المتجر او صانع المحتوى بالدخول الى لوحة تحكم بسيطة فيها خانتان: مربع نصي لكتابة الرسالة + خانة لرفع فيديو او صورة مع الرسالة، ثم زر ارسال.

حلينا مشكلة الخصوصية في واتساب، لن يرسل لك أحد الا بعد ان تبدأ المحادثة مع الرقم، وتضيفه الى جهات اتصالك، كما ان رقمك سيضاف الى جهات اتصال المتجر او صانع المحتوى، كل شيء بدا ممتازا، قام أصحاب القنوات بارسال محتواهم الى المشتركين الذين وصلوا الى عشرات الالاف (اعلى رقم وصلناه كان 35 الف لقناة واحدة، رغم قصر المدة والصعوبات التقنية).

 

مبادرة Project1932، نظرة من الداخل 🔬

لن أتكلم عن الوضع قبل 50 عاما ولكن وحتى وقت قريب قبل 15 أو 20 عاما ستكون محظوظا إذا تخرجت من المرحلة الثانوية وكان لديك قريب ضمن شبكة علاقاتك يمكنه توجيهك مهنيا سواء في اختيار التخصص الجامعي أو بعد التخرج نحو أفضل الأماكن الوظيفية أو توجهات سوق العمل. تخصصت في هندسة الحاسب الالي ظنا مني أن هذا هو الكومبيوتر والحوسبة التي أحبهما، ورغم امتناني للتجربة بالدراسة في صرح عملاق مثل جامعة البترول إلا أنني لا أعمل في مجال تخصصي الآن لأنني اكتشفت متأخرا أن ذلك لم يكن له علاقة بما أحب.

هذه التجربة ألقت بظلالها علي فأصبحت مهتما بتوجيه من حولي وفق معرفتي البسيطة، بداية مع شقيقي الأصغر محمد والذي كان يرغب بدراسة الطب ثم توجه الى الصيدلة، كنت أؤمن دائما ان حديثا لمدة ساعة أو أقل ربما يغير مستقبل ناشيء ويفتح عينيه على أشياء سيحتاج الى سنوات ليعرفها، قليل من التوجيه يكفي لاتخاذ قرارات صحيحة تختصر سنوات من اعمارنا الوظيفية. أنا شخصيا في مرحلة لاحقة من حياتي الوظيفية كنت محظوظا بوجود أشخاص وجهوني ونصحوني كثيرا في قرارات مصيرية، مثل تغيير مساري الوظيفي من الهندسة الى الأعمال، سأظل ممتنا لهم ما حييت وأشكر فضلهم لمشاركتهم خبرتهم ومعرفتهم معي في مرحلة مبكرة بعض الشيء.

تغير الوضع حاليا وفتحت الانترنت مجالا أكبر لمشاركة المعلومات ممن سبقونا في المجال الوظيفي كما أن الجهود الحكومية تضاعفت وقامت الجامعات بدور كبير للتسويق للتخصصات الجيدة وسلطت الضوء اكثر على تفاصيلها ومستقبلها، لكن الجهود كانت تفتقد للتوجيه الذي يمكن تقديمه من قيادات وطنية تتسنم مراكز قيادية في المملكة حتى أسس عبدالرحمن طرابزوني مبادرة Project1932

هدف المبادرة باختصار هو ربط من يحتاجون الى التوجيه بمن يوجههم ويساعدهم في اتخاذ قرارات صائبة ويبني جيلا من القيادات الناشئة في المملكة، تبدو الفكرة جميلة لكن التطبيق قد يكون صعبا خصوصا من القيادات الذين تزدحم جداولهم بعدد لا متناهي من الالتزامات، لم الاستعجال في الحكم؟ قررت مع اطلاق المبادرة أن أكون جزءا منها فسجلت كأخ أكبر وبدأت أتابع ما يطرح حولها من اراء، تخيل ان تكون في اخر سنة جامعية او حديث التخرج ومرشدك المهني هو وزير او رئيس تنفيذي لشركة كبرى؟ تم اختيار أخ أصغر وقام فريق المبادرة بتقديمنا لبعضنا، لتبدأ رحلة الارشاد، ولعلي هنا أسلط الضوء قليلا على هيكلية هذه الجلسات وطريقة العمل خلال فترة 6 أشهر من الارشاد:

    كافة الجلسات كانت اونلاين/مكالمات هاتفية، أسرع وأسهل في التنسيق.

    أول الجلسات كانت تعريفية من الطرفين، من المهم معرفة الطرفين لبعضهم بشكل عام ليتسنى معرفة جوانب الفائدة التي يمكن للمرشد تقديمها، مثل مجال عمله الحالي وخبرته في قطاعات سابقة وتخصصه الجامعي، كما يمكنه معرفة المزيد عن الأخ الأصغر ليضع الأمور والتوجيه في نطاق محدد ومفيد.

    الجلسات اللاحقة كانت تبنى بطريقتين: إما أن أجهز موضوعا للحديث حوله أو أن يتقدم الأخ الأصغر بموضوع أو أسئلة يرغب بمعرفة المزيد حوله.

    في أحيان متعددة لا يكون لدي إجابات لكل شيء، أبحث وأقرأ وأحاول ان أستفيد أولا من أسئلة الأخ الأصغر ومنظوره للأمور، ربما اتصل بصديق أو أوجه الأخ الأصغر للتواصل مع شخص معين ليفيده أكثر حول هذا الموضوع.

    أشارك باستمرار عبر الواتساب او الايميل مع الأخ الأصغر مقالات او تدوينات او دراسات قرأتها ولها علاقة بالمواضيع التي نتحدث حولها.

انقضت الدورة الأولى من المبادرة بسرعة بالغة، كان التنسيق ممتازا والحرص والاهتمام من الأخ الأصغر للتعلم كبيرين، لدرجة شجعتني على الاستمرار في المبادرة في دورتها الثانية، وتخصيص المزيد من الوقت للقيام بالتوجيه والإرشاد خارج اطارها أيضا متى ما سمح وقتي بذلك. سعيد جدا لرؤية مثل هذه المبادرات تكبر وتزدهر ويشارك فيها المزيد في كل دورة، لأن ذلك سيكون بلا شك رافدا مهما نحو تجهيز جيل جديد يواصل مسيرة الرؤية ونماء وطننا المملكة العربية السعودية.

عن التمايز في النجاح، رؤية فلسفية 💡

طالما شغلني سؤال فلسفي فحواه: كيف يتمايز الناس في النجاح؟ كيف يبذل شخصان نفس الجهد وينجح الأول بينما يفشل الثاني أو ينجح بدرجة أقل، موضوع طويل وأشبع بحثا وتطرق له العديد في كافة أصقاع المعمورة. ومصادفة وقبل عدة أيام تطرق الصديق فيصل الخميسي الى جانب من هذا الموضوع وحاوره الصديق علاء المكتوم برأي يستحق التوقف والنظر، ومؤخرا برزت فكرة نقاش محلية حول العديد ممن نجحوا في تأسيس شركات محلية ناشئة رغم بساطة هؤلاء الأشخاص تعليما او معرفة، بينما فشل الكثيرون ممن يعتد بهم كجهابذة في مجالاتهم في قيادة نجاح مماثل.

قبل أن أطرح وجهة نظري القاصرة، لنستثني الجانب الديني من الموضوع والذي لا يتعارض مع السياق العام لهذه الفكرة، فالاسلام حث على التوكل وعدّها من أجلّ العبادات وقرنه بفعل الأسباب، وفي ذلك تفصيل طويل اخترت منه رأي للشيخ الراحل عبدالعزيز ابن باز رحمه الله، ثم التوفيق للأفضل وهذا رزق مكتوب.

ماذا بعد التوكل؟ ماهي الأمور التي تصنع التمايز بين الناس؟ حاولت أن أخرج بتصور مبسط يضمن صورة شاملة لكافة الأمور التي تمكن فلانا من أن يكون أكثر نجاحا من غيره وخلصت الى 4 ركائز:

  • الموهبة: ما يولد به الانسان من مواهب تصنع الفوارق الأولية بين الأشخاص، ويمكن ملاحظة هذا جليا في المراحل المبكرة بين الأطفال، هناك طفل ذكي ولمّاح واخر بطيء الاستيعاب، هذه أشياء تولد معنا يمكن تطويرها ان كانت إيجابية او تحسينها ان كانت سلبية لكنها تظل أشياء جينية، لا يمكن تغييرها 180 درجة وانما يمكن تعظيمها او تهذيبها من خلال الركائز اللاحقة.
  • المعرفة: وهنا حاولت تجنب استخدام كلمة التعليم لأن المعرفة أشمل وأعم، بينما يرتبط التعليم ذهنيا بصورة الدراسة ثم الجامعة ثم الشهادات العلمية، فإن المعرفة تتفرع الى ماهو اكثر من ذلك بكثير لتشمل القراءة والمحاضرات والتعليم عن بعد ومتابعة الجديد في أي صناعة كانت وتجربة الأشياء ومحاولة الفهم المستمر، وهذا جانب يمكن للوالدين التأثير فيه بالاستثمار في تطوير أبنائهم وعدم حصر المعرفة بالتعليم النظامي فقط وانما تشجيعهم على طرق كل باب ولو كان في غير التخصص وتنشئة الأبناء على حب العلم والاعتداد به، وتعويدهم على البحث والتقصي ومعرفة المعلومة الجيدة من الرديئة، وهذه رحلة طويلة تبدأ مع الوالدين لكنها تستمر مع بلوغ الابن لمرحلة عمرية تخوله اكمال المشوار بنفسه، ولا حد لهذه الرحلة حتى آخر يوم في الحياة، إذ أن العلوم تتجدد ولا تنتهي، ومعرفة المزيد سلاح في معركة التمايز والنجاح، هل المعرفة لوحدها كافية؟ لا بكل تأكيد وربما تكون نقمة أحيانا أن تعرف الكثير لأن ذلك يزيد من حذرك وحساباتك في تقييم أي فرصة متاحة، ويسقطك في وحل ما يسمى بـ Analysis Paralysis أو شلل التحليل في أن تقودك معرفتك لتعقيد المسائل والاستغراق في تحليل كل زواياها إلى أن تخلص أنها غير مناسبة أو يفوتك القطار.
  • المحيط: لمحيط الشخص منذ ولادته تأثير عليه، هذه حقيقة لا تقبل الجدال، أن يكون الطفل محاطا منذ سنواته الأولى بأمثلة ناجحة من مجالات مختلفة في عائلته المباشرة او عائلته الممتدة، ثم اختلاطه بناجحين في دراستهم في مرحلة لاحقة، ثم بناء شبكة معارفه واصدقاءه ثم زملاءه في الجامعة والعمل، تأثير لا يمكن اغفاله نحو بناء شخصية تؤمن ان النجاح اختيار وليس نصيبا، والمثل الدراج انك متوسط من تجالسهم سواء في النجاح او الخيبات يمكن البناء عليه في حالات كثيرة فمحيطك دائما يجذبك إليه، وبالحديث عن هذه الركيزة يجب أن نشير الى أن المحيط من حولك يصنع شبكة علاقاتك وبالتالي الفرص التي يمكن خوضها او الحصول عليها، ولذلك نجد أن أبناء العائلات المقتدرة حظوظهم أوسع في الحصول على فرص أفضل، صحيح أن الفرصة لا تعني النجاح بشكل مباشر لكن مجرد الحصول على فرصة وظيفية او تجارية بسبب شبكة علاقات جيدة تسهل الكثير من الأمور، وفي هذه النقطة يجب أن نفهم أن ذلك ليس أفضلية مباشرة وانما هي نتيجة لجيل سابق او جيلين بنوا مثل هذه الشبكة التي خولتهم وخولت ابناءهم من بعدهم الحصول على فرص أفضل، لكن هل هذه هي الطريقة الوحيدة؟ بكل تأكيد لا إذ تجد بين حين وآخر شخصا من عائلة متوسطة لكنه يحظى بشبكة علاقات مماثلة بسبب أنه عمل على ذلك، فالجانب الجيني في أنك ابن لهذه العائلة او تلك ليست نهاية الطريق وانما يلعب الجانب العملي دورا كبيرا في مثل هذه العلاقات.
  • الشخصية: تصنع الثلاث ركائز السابقة شخصية تحدد كيف يتصرف الشخص في حياته اليومية، كيف يتعامل مع من حوله؟ كيف يبني شبكة علاقاته؟ كيف يعرف نقاط قوته ويعظمها ونقاط ضعفه ويطورها؟ كيف يقيم الفرص من حوله أيا كانت ويتحرك بناء على هذا الأساس، كيف يستفيد من المعرفة ومن كل ما تعلمه بطريق تخوله للنجاح في أي فرصة كانت وظيفية او تجارية او حتى لبناء محيط أفضل يعطيه مزيدا من الفرص. رأيي الشخصي حول موضوع التمايز في النجاح يقول أن الشخصية ومعرفة الانسان بنفسه هي أهم ركيزة، لنلق نظرة أخرى، هناك أشخاص أذكياء لكنهم أقل نجاحا من أشخاص أقل منهم ذكاء بكثير رغم أنني لا أحب النقاش في موضوع الذكاء لأنه نسبي بعض الشيء، هناك أشخاص يسبحون في بحر من المعرفة لكن فرصهم ونجاحاتهم محدودة لأنهم غرقوا في بحر المعرفة والتعليم فقط ولم يبحثوا عن فرص تفتح لهم أبواب النجاح، أما المحيط فهناك الكثير من الأشخاص الفاشلين من عائلات ثرية وذات نفوذ مقابل أشخاص ذوي نجاح ساطع من عائلات متوسطة أو فقيرة، لكن ما يجعل الشخص أكثر نجاحا من غيره هو توظيف الثلاث ركائز الأولى في صنع الركيزة الرابعة وهي الأكثر أهمية، بناء شخصية تقرأ الذات وتعرف نقاط موهبتها وضعفها، تعرف كيف تكتسب المزيد من المعرفة وتصنع طريقا واضحا ومستداما لمخزونها المعرفي، تعرف كيف تقيم شبكة علاقاتها ومحيطها وتعمل على بناء شبكة اكبر واكثر فاعلية، ثم تؤطر هذا كله نحو ماهي الفرص المناسبة وتقتنصها.

ختاما، هذا الرأي تشكّل عندي على مراحل وخلال سنوات طويلة حتى خلصت إليه، دفعني لكتابته إضافة للنقاش بين فيصل وعلاء، حدثٌ في الأسبوع الماضي حول إدراج شركة “شور العالمية للتقنية” في سوق نمو يوم الإثنين 24 أكتوبر 2022، عشت كافة تفاصيله مع الصديق باسم السلوم قبل أن ينضم كرئيس تنفيذي لشركة شور قبل 4 سنوات وحتى يوم الإدراج، رسّخ نظرتي لموضوع التمايز في النجاح وأهمية بناء الشخصية والوعي الذاتي نحو صناعة حاضر شخصي زاهر ومستقبل مشرق، لذا لا يمكنني التفكير بنموذج أفضل من أبو المها – باسم السلوم – لما يجب أن يكون عليه الشخص في نظرته لذاته ثم محيطه وتحركاته نحو صناعة نجاحات متتالية.

عن التطبيقات العملاقة، عن الـ Super Apps 🦹🏻‍♂️

تمهيد:

قبل أن نخوض في بحر التطبيقات العملاقة لنعد خطوة إلى الوراء ونتأمل حول ماذا يقتتل اللاعبون الكبار في سوق الانترنت غالبا؟ الجواب هو الوقت والقوة الشرائية، لنستخدم هذا التعريف في مثال ليكون أوضح للمتلقي: لنفترض أن عدد مستخدمي الانترنت حول العالم هو 100 شخص، قوتهم الشرائية متماثلة، يقضون 8 ساعات على الانترنت، نصيب كل من قووقل/فيسبوك/سناب/تيك توك هو ساعتان لكل تطبيق، هذا يعني أن Share of audience Attention هو 25% لكل منصة من الوقت المتاح للمستخدمين على الانترنت، يلي ذلك كيف تقوم المنصة بتحويل الوقت المستنفذ من مستخدميها الى عائد تجاري، سواء عن طريق الإعلانات او الاشتراكات او العمولة او ماسواها.

لنعد صياغة المثال أعلاه بطريقة أخرى، ذات الـ100 شخص ولكن نصفهم مصنفون على أنهم ذوو قوة شرائية عالية بينما النصف الاخر ذوي قوة شرائية متوسطة، يستهلك ذوو القوة الشرائية العالية وقتهم على الانترنت في منصتي قووقل وفيسبوك بشكل متعادل، بينما ذوو القوة الشرائية المتوسطة يستهلكون اوقاتهم على الانترنت بين سناب وتيك توك، لا يزال Share of audience Attention هو 25% لكل منصة ولكن العائد التجاري الذي حصلت عليه قووقل وفيسبوك أعلى مما حصل عليه سناب وتيك توك بسبب استئثارهم بالشريحة ذات القوة الشرائية العالية.

قم بتطبيق المثال أعلاه على العدد الحقيقي لمستخدمي الانترنت أيا كان بالمليارات، ومعدل ما يقضونه من ساعات، ومتوسط قوتهم الشرائية عطفا على بلدانهم، لتخلص الى أجوبة أكثر دقة تخولنا الحديث عن التطبيقات العملاقة وسبل الاستفادة منها.

تعريف:

ماهو التطبيق العملاق؟ باختصار هو تطبيق يقدم خدمات مختلفة لا ترتبط ببعضها بشكل مباشر، مثل (محادثة مباشرة أو شبكات إجتماعية + خدمات مالية + نقل الركاب + توصيل الأطعمة + الترفيه + التسوق على الانترنت).

لنضف تعريفا جديدا ذو شقين لكل خدمة يقدمها التطبيق العملاق: مرات الاستخدام + العائد المادي، ثم نلقي نظرة أخرى:

  • المحادثة المباشرة والشبكات الاجتماعية: استخدام متكرر جدا + عائد ضئيل أو صفر.
  • خدمات مالية: استخدام متوسط (يومي) + عائد متوسط
  • نقل الركاب: استخدام منخفض (كل عدة أيام) + عائد متوسط
  • توصيل الأطعمة: استخدام متوسط (يومي) + عائد عالي.
  • الترفيه: استخدام متكرر + عائد منخفض
  • التسوق على الانترنت: استخدام منخفض + عائد عالي.

لماذا نركز على مرات الاستخدام والعائد من كل خدمة؟ لأن التطبيقات العملاقة تبنى على ركيزة أساسية واحدة: قدم خدمة وحيدة متكررة الاستخدام (كل دقائق او ساعة مثل واتساب) ولو كان عائدها المادي صفر، واستخدم قاعدة المستخدمين الكبيرة لتقديم خدمات أخرى قد لا يحتاجونها بشكل متكرر ولكن عائدها المادي متوسط او عالي (مثل نقل الركاب او توصيل الأطعمة او الشراء من الانترنت)، لأن تكلفة الاستحواذ على العميل لاستخدام الخدمات الأخرى تساوي صفرا بحكم انه مستخدم حالي للخدمة متكررة الاستخدام.

تاريخيا:

أمثلة التطبيقات العملاقة محدودة حول العالم، أشهرها تطبيق WeChat الصيني وإن كنت لا أراه مثالا ناجحا لأنه لم يصل الى ما وصل إليه في سوق حر ومفتوح وإنما ساعده الحجب الصيني لكثير من المنصات العالمية والدعم الحكومي اللامحدود.

ثم تطبيق Gojek الاندونيسي بعدد 38 مليون مستخدم نشط شهريا، يليه تطبيق Grab الماليزي/السنغافوري والذي يعمل في عدة دول ويستخدمه 24 مليون مستخدم نشط شهريا.

والأمثلة في الشرق الاسيوي كثيرة مثل هذا التطبيق الصيني لتوصيل الأطعمة الذي قفز الى سوقي حجز الفنادق وتأجير الدراجات عملا بقاعدة تكرار الاستخدام والهامش العالي:

بعد هذه المقدمة والتعريف والأمثلة التاريخية، يقفز السؤال الشهير: لماذا لم ينجح الغرب في صناعة تطبيق عملاق بينما نجحت أسواق أقل نضجا في ذلك؟ قبل أن نطلق الحكم دعونا نتفكر حول ماذا تتمحور التطبيقات العملاقة؟ أليست حول النمو والاستفادة المادية؟ هل التطبيقات الغربية (تطبيقات قوقل وفيسبوك وتويتر وسناب) بحاجة الى نمو؟ لنعد صياغة سؤالنا حول الشركتين القادرتين فعلا على صناعة تطبيق عملاق وهما قوقل وفيسبوك، تطبيقاتهم الحالية يستخدمها اغلب مستخدمي الانترنت حول العالم فالنمو فعلا ليس اولويتهم وانما تنمية العائد من عدد المستخدمين المهول على شبكاتهم وتطبيقاتهم، فلماذا يخاطرون بجمع كافة مستخدميهم في تطبيق واحد بينما لا يزالون قادرين على تنمية العوائد أولا، وتفريق خطر توقف النمو عن احد تطبيقاتهم باستخدام تطبيقات متعددة (قوقل: محرك البحث – يوتيوب – متجر التطبيقات – نظام أندرويد) و (فيسبوك: فيسبوك – انستغرام – واتساب – ماسنجر)، ناهيك عن تصريحات ايلون مسك المتكررة بعد استحواذه على تويتر نحو تحويله الى تطبيق عملاق.

تحكم السوق الغربي والأمريكي تحديدا بمفاصل الانترنت من حيث (أنظمة التشغيل – متاجر التطبيقات – التطبيقات واسعة الانتشار) تعطيهم أفضلية في عدد المستخدمين المخيف والنمو المطرد دون الحاجة الى التفكير في بناء تطبيق واحد عملاق، مع ان التفكير في بعض التحركات توحي لك أنهم يفعلون ذلك بشكل بطيء وغير مباشر، أمثلة ذلك: (تطوير قوقل لتطبيق قوقل ماب ليكون منصة اجتماعية تحتوي تقييما وتجارة الكترونية ونظام Gamification and Ranking للمستخدمين بعيدا عن الهدف الأساسي وهو تطبيق الملاحة، وفي حالة فيسبوك التحالف الشهير مع شوبيفاي لتمكين التجارة الالكترونية داخل تطبيق فيسبوك، والدفع والخدمات المالية في واتساب لبعض الأسواق)، وهذا يعطينا انطباعا عن نية لتكبيل المستخدمين داخل هذه التطبيقات بقيمة مضافة أكبر تضمن عدم تسربهم الى تطبيقات أخرى وتمنحهم تجربة مستخدم أفضل.

ماذا عن السوق المحلي؟ هل من أمثلة على تطبيقات عملاقة في المملكة او في المنطقة من حولنا؟ هناك محاولات بدأت من تطبيق كريم لكني أعتقد ان استحواذ أوبر على كريم ابطأ من التركيز على هذا الهدف، تطبيق جاهز في حراك مستمر لا يمكن إغفاله نحو تنويع مصادر دخله بعيدا عن توصيل الأطعمة، مصرف الراجحي يحاول جاهدا بعد الهوية الجديدة أن يكون Life Style App بأن يستخدمه العملاء بشكل يومي وبعيدا عن عملياتهم المالية ولكن للحصول على خصومات أو نقاط.

هل أنا متفائل بوجود تطبيق عملاق سعودي يمتد الى المنطقة من حولنا؟ نعم، لكن ذلك لن يكون سهلا بكل تأكيد، وأي تطبيق عملاق يجب أن يبدأ بخدمة “متكررة الاستخدام” وهذه الخدمة يجب أن تكون جديدة ومبتكرة ومن الـBlue Ocean وليست على غرار تطبيق “محادثة مباشرة” تدخلك في صراع مباشر مع واتساب لن تكسبه بسهولة.

عن لقاء سوالف بزنس: مصادر إضافية ومراجع المعلومات

سعدت باستضافة مشهور الدبيان لي في بودكاست سوالف بزنس، ولكثرة المعلومات التي تم طرحها في هذا اللقاء، تجدون أدناه مجموعة من المواضيع التي تحدثنا عنها مدونة بالتفصيل بحيث يمكن الرجوع لها عند الحاجة:

تدوينات حول تقنيات التسويق:

  1. الاطار الرقمي السعودي – SDF
  2. مقدمة: قبل الحديث عن تقنيات التسويق Martech
  3. تاريخيا: الخلاف الطاريء بين التسويق وتقنية المعلومات
  4. أوجه الخلاف بين التسويق وتقنية المعلومات في المارتك

 

مواقع المارتك الشهيرة:

 

الحلقة الأولى:

 

الحلقة الثانية:

عن مؤتمر LEAP22، الأحلام والواقع

بعد أن انقشع غبار مؤتمر LEAP الأول، وقبل أن نتحدث عن أبرز مكتسبات هذا الملتقى الكبير، دعونا نعود خطوة الى الوراء ونتسائل:

 

لماذا تقام مثل هذه المعارض حول العالم، وماهي الفائدة المرجوة منها؟

تتكون المعارض غالبا من 3 عناصر رئيسية كالتالي:

  • العارضون: الشركات الكبرى، المتوسطة والصغيرة، الجهات الحكومية والمنظمات غير الربحية، ويشترك هؤلاء في أهداف متعددة منها: التواصل مع الجمهور، بناء صورة ذهنية عن المنتجات المقدمة، تقديم آخر التطورات في المنتجات والخدمات التي يقدمها العارض، بناء العلاقات والشراكات التي تخدم أهداف العارضين، الإعلانات الجوهرية عن الصفقات والعقود، الاستثمارات والجولات الاستثمارية، مذكرات التفاهم والاتفاقيات الإطارية، والبحث عن عملاء أو مستثمرين محتملين.
  • الزائرون: التعرف على جديد السوق من ناحية الخدمات والمنتجات، بناء شبكة علاقات أوسع والتعرف على اتجاهات السوق التقنية، المقارنة السريعة بين الحلول المقدمة والالتقاء بعارضيها خلال وقت قصير، التأسيس لعلاقات عمل تبدأ من خلال المعرض، التعلم ونقل المعرفة من خلال اللقاءات وورش العمل المصاحبة، البحث عن الفرص الاستثمارية في الشركات الناشئة.
  • الدولة المنظمة: تحسين الصورة الذهنية للبلد المنظم حول الحراك الاقتصادي في قطاع معين، تحفيز القطاع المعني عبر إيجاد منصة تجمع بين مقدمي الخدمات والمنتجات مع مستهلكيها، تعزيز الانطباع حول البلد بوصفه قبلة لتجمع المهتمين بهذه الصناعة، رفع العائد الاقتصادي عبر تعزيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة FDI.

 

ماهي أبرز المعارض التقنية حول العالم حاليا؟

  • معرض CES: لاس فيغاس – الولايات المتحدة، وله فرع اسيوي في شنغهاي – الصين (قائم).
  • معرض CeBIT: هانوفر – ألمانيا، وأقام عدة نسخ متخصصة حول العالم (توقف في 2018).
  • معرض Computex: تايبيه – تايوان (قائم).
  • معرض MWC: برشلونة – اسبانيا (قائم).
  • معرض GITEX: دبي – الامارات العربية المتحدة (قائم).
  • معرض Web summit: لشبونه – البرتغال (قائم).

 

هل نحتاج الى معرض تقني مشابه في السعودية؟

حتى نبتعد عن العاطفة لنتكلم بلغة الأرقام:

  • يبلغ حجم سوق الاتصالات وتقنية المعلومات في السعودية قرابة 140 مليار ريال، تشكل الاتصالات منها قرابة 70 مليار وتقنية المعلومات 64 مليار إضافة الى الخدمات البريدية واللوجستية بواقع 6.4 مليار ريال.
  • السوق السعودي هو أكثر أسواق التقنية الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نموا ونضجا، سواء على مستوى الشركات الكبرى (stc هي العلامة التجارية الأغلى في مجال الاتصالات)، تمويل الشركات الناشئة قفز بمقدار 270% في 2021 مقارنة بـ 2020 وحل ثانيا بعد الامارات.

  • التوجه الواضح من الشركات الكبرى نحو الاستثمار في التقنية بشكل مباشر او غير مباشر عبر إطلاق صناديق استثمارية تهدف الى الاستثمار المباشر في الشركات الناشئة او دعمها ضمن مسؤوليتها الاجتماعية، مثل صندوق واعد من أرامكو السعودية وحاضنة InspireU من stc.

 

كيف كان السوق السعودي قبل LEAP؟

كمتخصص ومهتم في التقنية ومتابع لمستجداتها، كانت المعارض الإقليمية والعالمية هي السبيل الوحيد للتواصل مع المهتمين بشكل شخصي في هذه الصناعة حول العالم، جايتكس في دبي و MWC في برشلونة و Web Summit في البرتغال كانت منصات لمعرفة الجديد والالتقاء بالشركات والشركاء، لتأسيس تفاهمات نعمل عليها سوية طوال العام، حتى المعارض المتخصصة بشكل كبير في الاتصالات وتقنية المعلومات مثل MWC أفردت جزءا جديدا للشركات الناشئة لعرض منتجاتها والالتقاء بعملاء ومستثمرين محتملين، بينما كان الحراك المحلي محدودا بعض الشيء خصوصا في مجالي الاتصالات وتقنية المعلومات وجيدا الى حد ما في مجال الشركات الناشئة والاستثمار بحكم استغلالها للانترنت في التسويق ونشر البيانات، كان الوضع العام واعدا ولكنه مبعثر، لا زلت أتذكر المحاولات الخجولة لمؤتمر جايتكس بنسخته السعودية، عرب نت بنسخته السعودية، فعاليات الشركات الناشئة مطلع العقد الماضي مثل ستارت اب ويكند وغيرها، قدمت خدمات جليلة للصناعة لكنها لم ترتق الى حجم وزخم السوق السعودي، ولهذا كانت الحاجة الى منصة عملاقة تناسب ضخامة السوق كبيرة وماسة.

 

ماذا قدّم لنا LEAP في نسخته الأولى مقارنة بالأهداف العامة لمثل هذه المعارض؟

  • العارضون: 716 شركة، 1500+ شركة ناشئة، 330 صندوق استثماري، 509 متحدثين، من 129 دولة.
  • الاستثمارات: إضافة الى عدة جولات استثمارية لعدد من الشركات الناشئة، كان هناك استثمارات كبرى مثل:
    1. شركة stc تستثمر 1 مليار دولار في الكوابل البحرية ومراكز البيانات (بنية تحتية).
    2. شركة أرامكو تطلق صندوقا بقيمة 1 مليار دولار للاستثمار في الشركات الناشئة (Startups).
    3. صندوق الاستثمارات العامة PIF بالشراكة مع مجموعة علي بابا يطلقان صندوقا بقيمة 2 مليار دولار للاستثمار في الشركات التقنية (Startups).
    4. نيوم تخصص 1 مليار دولار للاستثمار في تطبيقات الميتافيرس (New Technologies).
  • نقل المعرفة: احتفل معسكر طويق بتخريج 1000 سعودي وسعودية كمطورين من عدة فعاليات أقامها في 13 منطقة حول المملكة، والتي تهدف الى تأهيل 100 الف مبرمج ومبرمجة بحلول عام 2030.
  • الصورة الذهنية: قدم LEAP قفزة كبيرة للصورة الذهنية عن السوق السعودي وحجمه خلال 3 أيام، هذه الدفعة كانت ضرورية لكل العاملين في هذا المجال من مشرعين وشركات ومستهلكين لكي يأخذوا بسوقنا نحو حجمه الطبيعي إقليميا وعالميا، كما أنها كانت ضرورية نحو الارتقاء بسمعة المملكة العربية السعودية في المجال التقني ومدى نضجه من عدد نواح كالبينة التحتية، الخدمات الرقمية وسهولة الوصول والاستخدام وهي أحد المقومات التي سهّلت التعامل مع جائحة كورونا بشكل كبير وبشهادات دولية.

 

كيف أرى مستقبل LEAP في نسخه القادمة؟

لا أرى المقارنة مع أي من المؤتمرات المشابهة حول العالم عادلة ولا أحبها، لسبب بسيط وهو أن سوقنا مختلف وواعد (اطلع على: ماذا لو: نحو تحفيز الابتكار والاقتصاد الرقمي السعودي)، والهدف من إقامة هذا المؤتمر يجب أن يكون بالدرجة الأولى تسليط الضوء على التقدم الكبير الذي يعيشه السوق من عدة نواحٍ منها على سبيل المثال لا الحصر: (الوصول الكبير للانترنت ونسبة الهواتف الذكية– التقدم الكبير للتحول الرقمي في القطاع الحكومي والخاص – القوة الشرائية العالية والتي تضعنا في مصاف دول تكبرنا حتى بعشر مرات من ناحية عدد المستهلكين – الاستهلاك العالي للخدمات والمنصات الرقمية والنضج العالي بغض النظر عن الشريحة العمرية)، كل هذه المزايا المتفردة كافية وأكثر ان تبرز أهمية سوقنا من ناحية الابتكار في الخدمات، تزيد من شهية الشركات العالمية لتقديم اخر الحلول والخدمات للمستهلك السعودي والشركات السعودية، لأن الاقتصاد الرقمي بخلاف الاقتصاد الصناعي أسهل في البدء، أسرع في النمو والدخول الى أسواق مجاورة وعالمية، وأكثر مساهمة في خلق الوظائف وتعظيم المحتوى المحلي وبالتالي الناتج المحلي.

 

ختاما،

  • شكرا لسيدي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان على التوجيه بأن يكون مؤتمر LEAP سنويا ولكل الدعم الذي يلقاه قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات ضمن رؤية المملكة 2030.
  • شكرا معالي وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس عبدالله السواحة على نقل الجهود في هذا القطاع إلى عمل مؤسسي ضخم يلبي احتياجات كافة المستفيدين والعاملين.
  • شكرا لكافة الجهات الحكومية التي ساهمت في هذه النقلة النوعية، وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، هيئة الحكومة الرقمية، الاتحاد السعودي للامن السيبراني والبرمجة والدرونز.
  • شكرا لكافة الشركات الكبرى التي شاركت وساهمت بشكل ملحوظ في تأسيس وتعميق ونضج سوق الاتصالات وتقنية المعلومات.
  • شكرا لكل الشركات الناشئة التي حملت راية الابتكار والتطوير والرقمنة في عدة مجالات وصناعات كالتجارة الالكترونية، الامن السيبراني، التقنيات المالية، حلول البيانات، التقنيات العقارية، التقنيات التعليمية وغيرها.
  • شكرا لكل الصناديق الاستثمارية المحلية والإقليمية والعالمية التي ساهمت في الشركات الناشئة السعودية.
  • شكرا لكل من ساهم في التنظيم، المشاركة، الزيارة، ولكل من وضع صناعة تقنية المعلومات في مكانها الصحيح، أما فيما يخص بعض المشاكل التنظيمية مثل الازدحام ومواقف السيارات فمتأكد أنها مشاكل عابرة وسيتم حلها في النسخ القادمة بإذن الله.

عن قيمة حضورك التخصصي، عن الهوية الشخصية المهنية على الانترنت Personal Branding

مقدمة:

عطفا على المقولة الشهيرة “لكل مقام مقال”، يمكننا القول ان شخصيتك مع أسرتك، مختلفة عن شخصيتك مع أصدقاءك، مختلفة عن شخصيتك مع زملاءك في العمل، وهذا طبيعي ومتوقع نظرا لأننا نتعامل مع محيطنا الخارجي حسب الظروف المحيطة. وأجد ذلك متناغما مع نموذج العالم الكندي Eric Berne المسمى (The PAC: Parent-Adult-Child model) وهو أحد مخرجات نظريته الشهيرة بالتحليل التفاعلي/التعاملي (Transactional Analysis) والتي تنص ببساطة على أن شخصياتنا دائما واحدة من 3 شخصيات لا أكثر: أبوية (Parent) – بالغة (Adult) – طفولية (Child).

بعد هذه المقدمة البسيطة لندخل إلى صلب الموضوع، تعاملك ووجودك على الانترنت يخلق لك شخصية معينة، هذه الشخصية تتكون لدى من يتقاطعون معك على الانترنت، مع من يقرأون ما تكتب، يسمعون ما تقول، يشاهدونك في فيديوهات، هؤلاء المتلقين للمحتوى الذي تنشره هنا وهناك سيكون لهم تصور واضح عن شخصيتك وسينسجون صورة خيالية وقودها هو ما تقدمه لهم، بعض هؤلاء الناس هم أصدقاء أو زملاء يتقاطعون معك في الحياة الواقعية ولديهم تصور أفضل عن شخصيتك، والغالبية العظمى لا يعرفونك الا من خلال ما تقدمه لهم على الانترنت.

لماذا نتكلم في العموميات بينما حديثنا موجه للحضور التخصصي (الاحترافي – Professional – ماله علاقة بتخصصاتنا ومجال عملنا)؟ لأن الصورة النمطية لا تفرق بين الجانب الشخصي والجانب التخصصي، وانما تمزج الاثنين لتخرج لنا صورة موحدة، هل تريد مثالا على ذلك؟ كم من شخص تأثر قرار توظيفه في مكان ما بسبب وجود صورة نمطية عنه على الانترنت كرسها وجوده وحديثه في جوانب شخصية ومواضيع عامة مع أنه متمكن جدا من مجاله التخصصي، وأثر ذلك سلبا في صانع القرار لأنه اكتشف جوانب أخرى من شخصية هذا المرشح أفضت إلى عدم اختياره.

 

الحضور التخصصي X الحضور الشخصي، ما الفرق؟

الحضور التخصصي هو الحديث على الانترنت عما له علاقة بتخصصك ومجال عملك وما تبرع فيه، أما الشخصي فهو الحديث عما سوى ذلك من مواضيع عامة، وفي كلا الحالتين التفاعل مع ما يطرح ويتداول في الانترنت يكرس شخصيتك واسلوبك ويبني صورة نمطية عنك.

هل هذا يعني أنه يجب علينا الاكتفاء بحضور تخصصي فقط وتجنب الحضور الشخصي؟ لا أحد يمكنه الإجابة عن هذا السؤال سواك، هناك أناس يحددون تواجدهم على الانترنت بالتخصصي فقط نحو هدف واضح وهو بناء صورة نمطية عنهم أنهم مهتمون بهذا المجال، بارعون فيه، متابعون لمستجداته، لهم اراؤهم الخاصة حول تطوراته، ينظر لهم بأنهم من مجتمع هذا التخصص على الانترنت. أناس آخرون إضافة الى حضورهم التخصصي، يشاركون في مواضيع عامة، رياضية كانت أم اجتماعية ويطرحون رؤاهم الشخصية حول تلك المواضيع، فتتضح مع مشاركاتهم توجهاتهم وما يؤمنون به حول قضايا معينة. الجزء الاخير من الناس هم من يختارون الجانب الشخصي فقط ويعزلون حياتهم التخصصية عن الانترنت بالكامل. لذا يجب أن يكون السؤال هو: ما الهدف من مشاركاتي على الانترنت؟ هل هو بناء صورة تخصصية تزيد من قيمتي السوقية في مجالي أم أنني أشارك على الانترنت بغرض المتعة؟ اجابتك على هذا السؤال ستحدد استراتيجية مشاركاتك على الانترنت بشكل عام.

 

الحضور التخصصي على الانترنت، نصائح عامة:

لصورتك النمطية التخصصية التي تشكّلها على الانترنت قيمة كبيرة، قد تضعك خيارا أولا لفرصة وظيفية عظيمة، فلا تهون من قيمة هذا التواجد وفكر مليا في كيف تدير صورتك التخصصية على الانترنت، سأسلط الضوء في هذه التدوينة عن ممارسات عامة هي نتاج قراءتي لسنوات حول هذا المجال وبعض مما اكتسبته بالممارسة والخطأ.

  • قبل أن تكتب حرفا واحدا حول مجالك التخصصي على الانترنت:
    1. لا تكتب لمجرد الكتابة، ولا تشارك لمجرد المشاركة، انتق مواضيعك بعناية واختر معاركك بعناية أكبر، ليس من الضرورة ان تتواجد وتشارك بشكل يومي، شارك واكتب فقط عندما يكون لديك إضافة حقيقية.
    2. تأكد من أنك مؤمن بما تكتب، لا تكتب شيئا لمجرد ارضاء المتلقين، الايمان بما تكتب والفهم العميق له هو جوهر المحتوى الجيد.
    3. من تدوينة سابقة: “الناس ليسوا سواسية في آداب الحوار، منهم المتعلم الخلوق والمتعلم الجاهل، والجاهل الخلوق والجاهل الجاهل، ولكلٍّ طريقته وأسلوبه في الحوار والرد، هكذا خُلقنا متفاوتين، فلا تحزن عندما تصلك ردود وقحة، أو جافة، أو لما يفتقد لأبسط أبجديات الحوار، هناك من يناقش للحصول على الفائدة وهناك من يناقش لتخطأتك وآخرون يناقشون لمجرد الجدل، معرفتك بهذا مسبقا يعطيك مناعة طبيعية من التأثر باختلاف مسالك الناس في حواراتهم، والشبكات الاجتماعية خير دليل، لذا يقال دائما Get a Thick Skin وهو تعبير يحث على عدم الاكتراث بالتعليقات الخارجة عن السياق، وهي مهارة تتطور مع الوقت ويتفاوت الناس بحسب حساسيتهم في بناء مثل هذه المهارة.”
  • عن الأفكار التي تستحق المشاركة حول مجال تخصصك:
    1. شارك في المواضيع التي تتقنها، ناقش الأفكار ذات العلاقة المباشرة بتخصصك.
    2. تأكد أن الفكرة جيدة لشريحة معينة من المتلقين، سواء كبرت ام صغرت تلك الشريحة، كلما تخصصت الفكرة كلما قل عدد المهتمين بها وهذه سمة العلوم، الأفكار العامة تناسب شريحة أكبر أما التخصصية فتنحصر في مجموعات أصغر بكثير، فهم شريحتك المستهدفة ضروري نحو صياغة فكرة أفضل.
    3. تفكّر في الهدف من مشاركتك في كل مرة، هل هو النقاش مع ذوي الاختصاص، أم تعزيز صورتك التخصصية، أم خليط منهما. تحديد الهدف يساعدك كثيرا في صياغة هذه الفكرة الى محتوى يمكن مشاركته على الانترنت.
  • تم اختيار الفكرة، كيف أصيغ المحتوى:
    1. المنصات: مشاركة المحتوى التخصصي يكون غالبا على لينكدان، تويتر، يوتيوب او مدونات شخصية.
    2. اللغات: يمكن مشاركة المحتوى باللغة العربية او الانجليزية او بنسختين بحسب المنصة.
    3. الصيغة: المشاركات التخصصية القصيرة غالبا ما تكون على شكل تغريدة في تويتر، منشور على لنكدان، اما المطولة فتكون على المدونات الشخصية أو على مقالات لينكدان.
    4. المحاذير: تنبه الى سرية المعلومات إذا كنت تشارك معلومات عن مكان عملك، تجنب نشر صور قد توضح معلومات سرية مثل صور الشاشات التي قد توضح نظاما مستخدما في مكان عملك، استشر فريقا داخليا اذا لم تكن متأكدا، ودائما كن فخورا لا مغرورا، متواضعا وخصوصا عند الحديث عن انجازاتك التخصصية.
  • النشر، متى وأين أنشر محتواي التخصصي؟
    1. أُفضِّل نشر المحتوى التخصصي على تويتر، لينكدان، والمدونات الشخصية، لا أجد انستغرام، تيك توك او سناب شات منصات ملائمة.
    2. عندما تنشر للمرة الأولى محتوى تخصصيا قد تواجد بهجوم بسبب مكان عملك، كن هادئا ولا تكترث، هذه محاولات استفزاز وعندما لا تجد ردة فعل منك غالبا ما تخبو.
    3. تجنب الرد على المشاركات خارج السياق، أشياء مثل: “خلك في الجافا وش عرّفك بالسيكيورتي”.
    4. لا تناقش مواضيع عملية داخلية او خلافات على الانترنت، هذا ليس المكان المناسب بتاتا ويعطي صورة سيئة عنك في نقل مشاكل المنظمة خارجها.
    5. قد تبذل جهد كبيرا في بناء محتوى تخصصي ويمر دون أي تفاعل، وقد تنشر محتوى مقتضبا وتطير به الركبان، كن هادئا في الحالتين، فالتواجد التخصصي يتطلب نفسا عميقا ومدة طويلة، وهي ليست مسابقة في الأخير.
    6. الكتابة عامة والتخصصية منها عبارة عن تمرين، كلما كتبت أكثر كلما تحسنت قدراتك ومهاراتك في ايصالك أفكارك، استشر اصدقاءك وزملاءك حول ما تكتب قبل نشره، رأيان أفضل من واحد بكل تأكيد.
  • عن التفاعل مع المحتوى التخصصي:
    1. قد تعيد نشر محتوى تخصصي أعجبك، لا بأس، ولكن حاول أن تضيف رأيك حول الموضوع، أشياء اعجبتك، اسئلة طرأت في ذهنك، لا تكتف بنشر المحتوى كما هو دائما، حاول أن تضيف لمستك الخاصة، تعليقك، تحفظك او ما استرعى انتباهك.
    2. تفاعل مع المحتوى الذي يطرحه الآخرون في مجالك التخصصي، أبدِ وجهة نظرك باحترام ودون التقليل من الطرف الاخر، ناقش الفكرة لا المفكر.
  • عن العلاقة بين محتواك التخصصي ومكان عملك:
    1. بكل تأكيد انت موظف في مكان ما بسبب تخصصك، حديثك عن التخصص قد يكشف معلومات عن مكان عملك، عن طرق أداء الأعمال، عن الأنظمة المستخدمة، عن معلومات سرية، كن حذرا في هذا الجانب، ناقش الأفكار بعمومية دون الإشارة الى ما يخص عملك، عندما تكون في حيرة استشر قسم التواصل في منظمتك.
    2. الاشارة الى انجازاتك، الشهادات التي تحصل عليها، عمل جيد ويبين مدى حرصك على التعلم المستمر، المشكلة عندما يكون محتواك فقط هو جمع هذه الشهادات دون أي إضافة تمكنني كمتلقٍ من تكوين صورة نمطية عنك، كثيرون لا يهتمون بالشهادات ولكن خبرتهم التخصصية واضحة من المحتوى الذين يشاركونه على الانترنت، لكن الحصول على شهادات متعددة دون أن تطرح رأيا أو تناقش فكرة قد يضع حولك علامة استفهام، فكن على حذر.

عن قرار الإنتقال إلى وظيفة جديدة أحدّثكم

قد لا أكون الأكثر خبرة في هذا المجال لكن لدي تجربة بسيطة أود مشاركتها معكم بعد أن أثبتت نجاحها معي في كل مرة، وبعد مشاركات متعددة مع أصدقاء وزملاء وجدوا فيها حلا للحيرة التي ترافقنا عند حصولنا على عرض وظيفي جديد، وكيف نقيّم الأفضل لنا لإتخاذ القرار الصائب حول البقاء في الوظيفة الحالية او الانتقال الى وظيفة جديدة؟

قبل أن نبدأ، لنتفق أن أفضل من يقيّم الوضع ويتخذ القرار هو أنت، لسببين رئيسيين:

  • لا أحد يعرف ظروفك بالكامل كمعرفتك بنفسك، قد يعرف الاصدقاء والزملاء جزءا من جوانب حياتنا لكنهم لا يعرفون كل شي.
  • اتخاذ القرار بناء على قناعتك الشخصية بعد تسلحك بالمهارات اللازمة للتقييم يلقي عن كاهلك ضغطا نفسيا كبيرا ويحملك المسؤولية وحدك أيا كانت تبعات هذا القرار، لا ملامة على أحد سواك.

 

تستطيعون تسمية هذا الإطار الذي سنناقشه الان بالاطار الثلاثي، لأنه يتكون من 3 محاور رئيسية:

  • الجانب المادي (Financials) ويتضمن:
    • الراتب الشهري (ما يستقر في حسابك نهاية الشهر)
    • التأمين الطبي لك ولعائلتك
    • التأمين الطبي للوالدين
    • العلاوة السنوية
    • المكافأة السنوية (البونص)
    • رسوم تعليم الأبناء
    • فواتير الهاتف
    • القروض: السيارة – المنزل – القروض المالية.
    • أسهم الملكية (غالبا في الشركات الناشئة) وبعض الشركات الكبرى.

أي شيء يقدم لك من جهة عملك كمكافأة او تسهيلات، تصب دائما في الجانب المادي، لأنها تزيل عن كاهلك عبئا ماليا ستضطر لدفعه من مدخراتك الشخصية، ومما يخطيء فيه الكثيرون انهم يربطون الجانب المادي بالراتب فقط وهو خطأ شائع، والصحيح ان يقوم الشخص باحتساب كل المميزات المادية وتقييمها نقديا ثم تقسميها على 12 شهرا ليخلص الى المدخول الشهري الصافي من الوظيفة الحالية، فإذا كان راتبك 10 الاف ريال + تغاض عن التأمين الطبي لأنه الزامي في كل الشركات (صحيح هناك تفاوت في المستوى) + (ثم احتسب تأمين الوالدين اذا قدم لك علما بأن تأمين الوالدين عادة أغلى من تأمين الموظف بسبب الكبر في السن ÷ 12) + (البونص ÷ 12) + (رسوم تعليم الأبناء بحسب المقدم لك وعدد الابناء المشمولين ÷ 12) + فاتورة الهاتف الشهرية المدفوعة لك + (فائدة القرض المقدم لك ÷ عدد السنوات ÷ عدد الاشهر) + (قيمة الأسهم المقدمة لك بسعر السوق عند استحقاقها ÷ عدد الاشهر التي قضيتها في العمل) = صافي دخلك الشهري.

  • جانب الخبرة (Experience) ويتضمن:
    • مدى التعلم الذي تحصل عليه من العمل في هذه الوظيفة، قد يكون تقييم هذا التعلم صعبا في البدايات ولكن مع الوقت ستجد نفسك قادرا على التمييز أين كنت وأين أصبحت، والفيصل في هذا الموضوع هو ماهو مستوى خبرتك في المجال الذي تعمل فيه بعد مضي عام من التحاقك بهذه الوظيفة؟ ما مدى خبرتك بعد عامين؟ ثم خمسة أعوام؟ تختلف الوظائف وبيئات العمل في مدى الخبرة التي تمنحها لموظفيها، فهناك بيئات تضيف الكثير خلال فترة قصيرة ولذلك يشهد للعاملين فيها بتميزهم المعرفي في مجالاتهم، بينما هناك بيئات وظيفية أخرى يكسوها الرتابة والملل وتكاد لا تضيف شيئا للعاملين فيها بسبب محدودية التحديات أو عدم إشراك الجميع في عملية النهوض بالمنظمة، علما بأن هذا التباين قد يكون موجودا في ذات الشركة او المنظمة ويحدده قياديو القسم او الادارة او المكان الذي تعمل فيه.
    • لأسهل عليك الموضوع أكثر، هناك 4 مناطق رئيسية يمكنك من خلالها الحكم على مدى تطور خبرتك في مجالك أو مجالات مجاورة وهي:
      • واجباتك الوظيفية اليومية: وهي الأشياء المنوطة بك للعمل عليها بشكل يومي، وهي رأس مسؤولياتك ويتم تقييمك بناء عليها ومن الواجب دائما أن تتجاوز توقعاتك رؤسائك في هذا الجانب.
      • واجباتك الوظيفية الجانبية: وهي مشاريع قد لا تكون من صميم عملك ولكن يتم إشراكك بها بسبب تداخلها مع ما تقوم به، وهذه المهام غالبا ما تؤدي إلى اتساع دائرة علاقاتك وتوسيع نظرتك نحو التوجه للعام للشركة كما أنها تضيف إلى خبرتك إذا تقاطعت مع قطاعات أخرى، كأن تعمل في التقنية وتتقاطع مع خبراء من المالية أو العكس، هذه المهام هي أحد أهم روافد بناء الخبرات التراكمية للموظف وعندما تسند إليك فيجب أن تكون ممتنا لذلك.
      • التدريب: وهو ما يقدمه لك مكان عملك تحت إطار التطوير الوظيفي وبناء القدرات البشرية وتتفاوت الشركات والمنظمات في هذا الجانب ولكن الجهات التي تستثمر كثيرا في موظفيها هي مكان جاذب بلا شك.
      • المبادرات: وهي أفكار تقوم بطرحها أحيانا على رؤسائك فيما يخص عملك المباشر أو أحيانا خارج نطاق عملك، وهذه نقطة حرجة ويجب فهمها بشكل دقيق، فالكثير من الموظفين المتحمسين لديهم افكار ومبادرات كثيرة ولكنهم يواجهون برفض لها، رؤيتي الشخصية في هذا الموضوع أن الرفض لا يعني الاستخفاف بفكرتك وانما احيانا عدم وجود وقت او ميزانية لاختبار او تنفيذ مثل هذه الأفكار أو أنه سبق تنفيذها ولم تنجح، وأحد مهارات القائد الناجح هي تلقي مثل هذه الافكار وغربلتها والتعامل مع مقدميها بأسلوب يحفزهم لتقديم المزيد دون أن يحبط من معنوياتهم، والمدارس الادارية بهذا الخصوص شتى ومتفاوتة، أما من ناحية الموظف فيجب عليه أن لا يقع في غرام مبادراته، وأن يلتزم بتأدية واجبه الوظيفي أولا ثم بتقديم ما يراه مناسبا للعمل مع معرفته أن ليس كل مقترح قابل للتطبيق ولا يجب أن يتضايق او يتأزم عند عدم التجاوب، المحصلة النهائية لمثل هذه المبادرات هو تنفيذها أو أن تكون علامة على أن هذا الموظف مبادر وشغوف بما يعمل وغالبا تؤتي أكلها لاحقا عندما تتاح فرصة لترقية وظيفية او مهمة جديدة داخل المنظمة.

 

  • بيئة العمل (Work Environment) وتتضمن:

يمكن تلخيص جميع الأشياء المتعلقة ببيئة العمل حول 4 عناصر رئيسية، هي في الغالب الإجابة التراكمية على السؤال الشهير: هل تذهب الى عملك في الصباح بمزاج جيد؟ هل تنظر الى ساعتك طوال اليوم ترقبا لموعد الخروج من العمل؟ لنتابع:

    • العلاقة مع رئيسك: يقال غالبا أن الناس لا تغادر وظائفها وانما تغادر رؤسائها، لما للمدير المباشر من دور كبير في كيف يقضي الموظف 8 ساعات يوميا في عمله، العلاقة مع الرئيس المباشر تتضمن عناصر عديدة أهمها: وجود ثقة متبادلة، تقبل الخطأ من الموظف خصوصا عند المرة الأولى ودعمه في مسار التعلم، العدل والإنصاف مع الموظف في حقوقه وواجباته، عدم الضغط على الموظفين خارج ساعات عملهم الرسمية بشكل مستمر ويستثنى من ذلك الضرورات القصوى على ألا تكون متكررة، الاهتمام بعملية تطوير الموظف في مجال عمله ونقل خبرات المدير الى فريقه.
    • العلاقة مع نظرائك: وهي العلاقة مع زملائك في العمل ممن يعملون معك في نفس الادارة او الفريق والمستوى، والعلاقة مع الزملاء كسائر أوجه الحياة تضم الجيد والرديء ولكن للمكان غالبا سمة طاغية فالمكان المليء بأناس جيدين هو بيئة محببة للنفس، خلو المكان الوظيفي من الشائعات والنميمة ونقل الكلام، وضوح الواجبات الوظيفية بين اعضاء الفريق الواحد وعدم تداخلها ومن ثم الاستفادة من الخبرات الموجودة لدى كل شخص في هذا الفريق.
    • العلاقة مع مرؤوسيك: وهي العلاقة التي تربطك مع موظفيك الذين تكون مديرهم المباشر وهي أمانة كبرى يجب مراعاة الاهتمام بهم ومعرفة التفاوت المعرفي والاجتماعي بينهم، ومحاولة انتشال الاقل اداء منهم، عدم زرع الفتنة بينهم او تفريقهم الى مجموعات أو أحزاب، مراعاة الجوانب الانسانية لظروفهم واحتياجاتهم قدر المستطاع وفق أنظمة المكان الذي تعملون لديه.
    • العلاقة مع البيئة المكتبية: وهي مناسبة مكان العمل للعمل، يحتوي على مواقف كافية للسيارات، كأن يكون نظيفا وواسعا، مضاءاً بشكل جيد وذو تهوية وتكييف جيدين، مخدوما بمرافق مناسبة للاستخدام كدورات المياه وغرف الشاي، ذو خصوصية للموظفات، ورغم أهمية هذا الموضوع إلا أن جهات كبرى تفشل في هذا الجانب مما يسبب لها تسربا وظيفيا، وقد ذكر لي أحد الأصدقاء أنه ترك وظيفته بسبب أن دورات المياه غير كافية وغير نظيفة، فتأمل.

 

ماذا بعد؟

كلام جميل لكنه لم يجب بعد على كيف نقيم الوظيفة التي عرضت علينا؟ لا بأس، أردت أن تكون المحاور الثلاثة واضحة بشكل مفصل، لأنها تنطبق على الجميع بلا استثناء، حديثو التخرج إلى متوسطي الخبرة وانتهاء بالتنفيذيين، أما التالي فسيكون مختلفا من شخص الى آخر، سيكون قرارك أنت، بناء على ظروفك أنت، وتذكر النقطتين اللتان أشرنا لهما بداية المقال، أنت من سيقرر لأن لا أحد يعرفك كنفسك، وأنت من سيتحمل تبعات قرارك، تقييم القرار يتكون من نقطتين رئيسيتين، تمعّن فيهما جيدا وستجد أن كل حيرة مررت بها عند التفكير في عرض وظيفي جديد كانت ضمن هذين النقطتين:

  1. الأوزان:
    • يجب أن يكون لكل محور من المحاور الثلاث أعلاه وزن، على سبيل المثال: الجانب المادي 30% – بيئة العمل 40% – الخبرة 30% ومجموعها سيكون 100%، لكن هل ينطبق هذا على الكل؟ قطعا لا، في الظروف الطبيعية يجب على حديث التخرج ومن هم في بداية مشوارهم الوظيفي أن يبحثوا عن أماكن تضيف إلى خبرتهم بشكل كبير ومكثف، وعليه فوزن محور الخبرة يجب أن يكون على الأقل 50% ثم 30% لمكان العمل و20% للجانب المادي، هل هذا يعني أن أقبل براتب عادي مقابل أن يحصل زملائي على رواتب أعلى في جهات أخرى؟ إذا حصرت نظرتك في الجانب المادي فالجواب هو نعم، ستحصل على أقل مما يحصلون عليه لكن ستحصل على أضعاف خبرتهم وبالتالي ستزداد قيمتك في سوق العمل وخلال سنوات بسيطة ستجد أنك تجاوزت ما يتقاضونه بمراحل، للأسف يفتقد الكثيرون من حديثي التخرج الى النظرة بعيدة المدى فيجرون خلف راتب أفضل بـ10 الى 20% ويضيعون فرصة التعلم، لأن كل تغيير وظيفي يعني بين 6-12 شهر من التأقلم مع المكان الجديد ومن ثم اكتساب الخبرة ولذا يوصم كثيرو التنقل بعلامة تعجب لعدم استقرارهم في مكان واحد خصوصا اذا تكرر ذلك أكثر من مرة.
    • هل هذا يعني ان المال غير مهم؟ قلنا أن ذلك في الظروف الطبيعية والجواب نعم، الدخل المادي من الوظيفة في السنوات الأولى غير مهم بتاتا، اسأل من تجاوزت خبرته 10 سنوات وتدرج في أماكن كثيرة وسيؤكد لك أن المال يتبع الخبرة وليس العكس، لكن ماذا عن الظروف الاستثنائية؟ مثل أن يكون هذا الشخص هو العائل الوحيد لأسرته، الجواب سهل جدا، سيضع وزنا أكبر للجانب المادي ولكنه سيقاتل من أجل الحصول على الخبرة أيضا، ولكن ذلك استثناء وليس الدارج.
    • تجاوز عمري الوظيفي 7 سنوات وأصبح لدى أسرة ومسؤوليات أكبر، وأحتاج الى شراء/بناء منزل، عندها سيكون للجانب المادي وزن أكبر بعد ان زادت خبرة الشخص وارتفعت قيمته في سوق العمل، وحينها يستطيع القبول ببيئة عمل متدنية مقابل الحصول على عائد مادي افضل لتدعيم مركزه المالي نحو الوفاء بالتزاماته الحياتية مثل بناء المنزل، وغالبا تكون هذه الفترة مؤقتة ولسنوات تتراوح بين 3-5 سنوات.
    • أعمل منذ 15 عاما، أسكن في بيت أملكه وأموري مستقرة ولدي عرضان وظيفيان، أحدهما أقل من الآخر ولكنه في بيئة وظيفية أفضل، ماذا أختار؟ يذهب الموظفون غالبا بعد الاستقرار الى بيئات أفضل حتى لو كان الدخل المادي أقل لأنهم تخلصوا من الالتزامات واصبح الجانب المادي أقل أهمية وبالتالي أقل وزنا في اتخاذ قراراتهم، يضاف إلى ذلك ان الأشخاص بعد سنوات العمل الطويلة يبحثون عن دوافع أخرى مثل المساهمة في بناء منظومة وطنية جديدة أو شركة ناشئة مميزة لأنهم يجدون ذواتهم ودافعهم للاستمرار اكبر من الجانب المادي او الخبرة التي اكتسبوها سابقا، وأتى الوقت الذي ينقلون فيه هذه الخبرات الى الجيل الأصغر منهم.
    • خلاصة الأمثلة أعلاه، أن ليس من وصفة سحرية لتقييم عرض وظيفي جديد سوى معرفتك بالمحاور الثلاثة وفهمها جيدا وقياسها على ظروفك الاسرية والمادية والاجتماعية ومن ثم اتخاذ القرار المناسب، هناك سيناريوهات أخرى لم نتطرق لها لكنها تدور في ذات الفلك حول اعطاء وزن لكل محور من هذه المحاور الثلاث ثم تقييم الوضع واتخاذ القرار المناسب لنا على المدى الطويل.
  • الاستراتيجية أو الإتجاه:
    • من أكثر الأمور المحزنة أن تجد شخصا يعمل في مجال معين ثم ينتقل الى آخر بغض النظر عن تخصصه، الانتقال ليس مشكلة بحد ذاته بل هو ميزة كبرى، المشكلة عندما يكون الانتقال عشوائيا وبلا اتجاه واضح.
    • يحدد التخصص الوظيفة الأولى للشخص غالبا لكنه بعد سنوات قد يتنقل بين عدة مجالات او تخصصات، هذا التنقل يجب أن يكون مدروسا، لكن كيف لشخص حديث التخرج أن يتخذ قرارا استراتيجيا مثل هذا القرار؟ الجواب هو الاستشارة، وقبل ان نتطرق الى موضوع الاستشارة لنأخذ مثالا: تخرج خالد من قسم التسويق في جامعة الأمير سلطان، عمل لسنتين في مجال اتصالات التسويق، ثم سنحت له فرصة وظيفية في مكان آخر تحت قسم التسويق في شركة انشأت حديثا في مجال إدارة منتجات الشركة، كان العرض المادي ممتازا، لكنه لا يعرف عن جودة بيئة العمل، اما موضوع الخبرة فقد بدا واعدا بالنظر الى تخصص الشركة ومجال عملها، فهل يجب عليه القبول بهذا العرض؟ خالد حديث التخرج وبسنتين من الخبرة في سوق العمل ودائرة علاقاته محدودة، فمن يستشير؟ لخالد قريب تنفيذي في ذات المجال اتصل به وسأله ولكن قريبه لم يكن على علم بنشاط هذه الشركة ولا العاملين بها، وبعد بحث بسيط في لينكد ان وجد ان صديقا مشتركا بينه وبين رئيس قسم التسويق في تلك الشركة فأعطى رقم هاتفه لخالد الذي تواصل معه وسأله عن كل ما يخص بيئة العمل، هذا الرجل تواصل مع صديقه رئيس قسم التسويق وحصل على كافة الاجابات، كما أنه طلب أن يتواصل معه خالد في حال كانت لديه اي أسئلة أخرى، في حالة أخرى فيصل لم يكن له أقارب او معارف يستطيعون ايصاله بمن يستطيع استشارتهم ولكنه بعد بحث بسيط في لينكد ان او تويتر وجد شخصا يعمل في ذات الشركة فتواصل معه بكل أدب وطلب منه الاتصال به لمدة 5 دقائق وابلغه بأنه حصل على عرض وظيفي في ذات الشركة فرحب هذا الشخص وزوده برقم هاتفه وحصل على كل الاجابات، ما يستفاد من القصتين أعلاه: الناس طيبون ومتعاونون في الغالب ونحتاج فقط الى الوصول لهم واستشارتهم مع المحافظة على اوقاتهم وعدم ازعاجهم، كما يجب ان نكون مبادرين نحو التواصل وبناء العلاقات ولو بداعي الاستشارة فقط، دائرة علاقاتك المحدودة ليست عذرا في زمن السوشيال ميديا على الاطلاق.
    • مع الوقت، وبناء على تعطشك ونهمك للتعلم، سيتكون لديك تصور عن اتجاهات السوق الوظيفي والطلب على التخصصات الجديدة وامكانية اعادة التموضع والتعلم الذاتي مما يرفع قيمتك السوقية، هذا التصور قد يكون مشوشا او غير واضح بالنسبة لك، لا بأس، يمكن دائما التواصل مع أناس سبقونا بخبرتهم عبر لينكد ان وطلب رأيهم والتمعن فيه والاستماع الى اكثر من شخص حتى يتكون لنا تصور واضح حول توجهات سوق العمل في مجالنا وتخصصاته الدقيقة، القراءة حول التوجهات الجديدة تعطينا قيمة تنافسية أعلى ممن يراوح مكانه بلا تطور او توجه واضح ويتضح ذلك جليا بعد مرور خمس سنوات تقريبا من العمل، إذ تجد أن من بحثوا عن الخبرة والتعلم وزيادة رصيدهم المعرفي نجوما ساطعة في سوق العمل، يدعم ذلك مشاركاتهم في المؤتمرات والتجمعات المهنية لهذا التخصص، مشاركاتهم في السوشيال ميديا وكتاباتهم على مدوناتهم، كل هذه الانشطة تشكل آراء الناس حول قيمتنا في سوق العمل، وبكل تأكيد تجنب ان تكون فارغا تنقل بلا فهم، تمعن وافهم ما تنقله او تكتبه، واسأل كثيرا فهناك من رأيه بآلاف الريالات في ساعات عمله لكنه يهديه مجانا على منصات التواصل.

حجب الاتصالات المزعجة/الاقتحامية، الحل بعد طول انتظار.

كم مرة وردك اتصال من أفريقيا؟ اتصالات السحرة والمشعوذين، اتصالات تبلغك بأنك ربحت جائزة، والكثير من الاتصالات الاقتحامية ولا سبيل لايقافها، اليوم الحل أصبح متاحا لمشتركي stc عبر خدمة جوال كنترول، تستطيع:

  • حجب رقم معين.
  • حجب الاتصالات من دولة معينة.
  • تحديد وقت الحجب.
  • حجب الرسائل.
  • تحويل المكالمات المحجوبة.
  • استلام رسالة نصية بتفاصيل المكالمة المحجوبة.
  • امكانية اضافة قائمة سماح لأرقام معينة من دولة محجوبة.
  • امكانية تعليق قوائم الرفض او السماح مؤقتا.
  • استخدام سهل جدا لإدارة الحجب والسماح من تطبيق mystc

رغم تعدد الخيارات أعلاه أجد القيمة الرئيسية في حجب دول بالكامل، الخدمة مدفوعة (10 ريال شهريا) والتفاصيل على موقع stc.com.sa او من خلال التطبيق، حجب ممتع للجميع.

مقال تأسيسي: تربية الأطفال في عصر الانترنت والأجهزة الذكية

مقدمة:

الحديث عن التربية طويل وذو شجون، يمر به الجميع على إحدى ضفتيه، مررت به على ضفة من يخضع للتربية طفلا ثم صبيّا ثم فتىً ثم شابا ثم رجلا، إذ لا يزال الاباء والأمهات ينظرون الى أبناءهم وبناتهم بعين الشفقة التي تستدعي توجيههم نحو الأفضل وتقويمهم نحو جادة الصواب، وعلى الضفة الأخرى في رحلتي لتربية أطفالي، هذه التدوينة التي تأخرت كثيرا لأن الكتابة عن تربية الأطفال (1-9 سنوات) تقع دائما بين سندان العاطفة ومطرقة العقل، نحو تحديد الأفضل لهم وتجنب القسوة عليهم أو حرمانهم، مشاعر مختلطة تتذكر فيها فضل والديك عليك وعلى إخوتك، فضلٌ قرنه العزيز الحكيم بالدعاء لهم جزاء التربية “وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا“، فاللهم احفظ الأحياء منهم وارحم من توفيتهم إليك.

الحديث أدناه موجه للآباء والأمهات ممن يكابدون في سبيل تنشئة أطفالهم في عصر لم يعد التلفزيون او زملاء المدرسة هم نوافذ اطفالنا على العالم، بل إن تعبير “العالم قرية صغيرة” هو دقيق جدا بما نعيشه اليوم، على الانترنت يمكن لطفلك الحديث مع أي أحد والتأثر من الآخرين ايجابا وسلبا عبر شاشة صغيرة لهاتف ذكي أو جهاز لوحي، بحر متلاطم من المعلومات والرسائل يشكّل شخصيات أبناءنا شئنا ذلك أم أبينا، فهل نحن مستعدون لذلك؟ أم أن حرمان الأبناء من هذه الأداة العظيمة التي غيرت وجه التاريخ سيكون هو الحل؟ لنكتشف.

قصة قصيرة:

في العام 2011 اشتكت لي أختي الكبرى من إدمان أطفالها على اليوتيوب، ورغم المراقبة والتأكد من المحتوى الذي يشاهدونه إلا أن العملية متعبة للغاية، وطلبت مني بحكم أنني “خبير الديجيتال” للعائلة أن أطور حلا لهذه المشكلة، ذهبت مشكلتها أدراج الرياح وشغلتني الدنيا حتى رزقت بطفلي بعد هذه القصة ببضع سنوات وما إن بدأ بمشاهدة اليوتيوب كسائر الأطفال حتى بدأت أحس بالجمرة التي كانت تحملها أختي، ماذا يشاهد طفلي؟ هل هو في مأمن من المحتوى الذي يتعرض له؟ دوامة من الحيرة والاسئلة اللا نهائية.

هذه القصة تتحدث عن منصة واحدة وغيرها كثير، وبالتأكيد يشكل العمر عنصرا مهما في معرفة ما يتعرض له الاطفال من محتوى، فقد يكونوا مستهلكين في مرحلة مبكرة بمشاهدة الفيديوهات فقط ولكن قد يستخدمون الشبكات الاجتماعية في وقت لاحق، غني عن الذكر ان كافة هذه المنصات تحدد عمرا أدنى لمستخدميها ولكن ومن تجربة لا أحد يتقيد بذلك، ويشكل ضغط المجتمع او “النظراء والقرناء” من الأطفال حاجزا نحو منع الاطفال من استخدام هذه المنصات.

هذه الحادثة دعتني الى التفكير في حل للمشكلة، نتج عنه تطبيق Tuby من stc الذي كنت محظوظا أنه توافق مع إسهام الشركة نحو المجتمع من خلال استراتيجية الاستدامة فتم تطويره ونشره مجانا للجميع، هذا التطبيق ببساطة يستعرض قنوات أطفال محددة لليوتيوب، يمكن للوالدين القبول بها كلها او تحديد ما يناسب طفلهم فقط، كما يمكنهم اضافة قنوات ليس متاحة في مكتبة تيوبي الاصلية، أي أن هذا الحل لم يقرر بالنيابة عن الوالدين ماذا يناسب أطفالهم لكنه عالج المشكلة الكبرى وهي المحتوى غير اللائق وقدم حلا تقنيا وأداة تساعدهم في تربية أبناءهم وفق شروطهم ومعاييرهم الخاصة.

ثقافة الوالدين:

عن أي ثقافة نتحدث؟ عن الالتزام بالتعلم الذاتي للأدوات التي تساعدهم على استخدام الانترنت لأطفالهم بالشكل الصحيح، هل نطلب من الوالدين أن يصبحوا مبرمجين أو مطوري حلول تقنية؟ لا، على الإطلاق، على الوالدين أن يتسلحوا بالعلم لمواجهة هذا الطوفان، عليهم تثقيف أنفسهم باستمرار عن الحلول التي يمكنها مساعدتهم في ضبط وتقنين استخدام ابناءهم وبناتهم للأجهزة الذكية وشبكة الانترنت، قد يبدو الحديث هنا معقدا وصادما، الكثير من الآباء والأمهات مستخدمون عاديون للأجهزة والانترنت فكيف نطالبهم بأن يصبحوا خبراء فيها؟ لا أحد يريد او يتوقع منهم أن يصبحوا خبراء، ولكن يجب عليهم الالمام بالحد الأدنى من المعرفة التي تخولهم للتعامل بكفاءة مع هذا العالم المتغير، يبدو الحديث مبهما؟ بعض الشيء ولكنه ضروري، لا بد من الاقرار ان معرفة الوالدين بالادوات اللازمة لتربية ابناءهم في عصر الانترنت هي ضرورة وليست ترفا.

لنعد صياغة الحديث أعلاه من منظور آخر، يحب الوالدان أطفالهم، لا عاطفة في هذا الكون تعادل محبة الأب أو الأم لطفلهم، يتعبون ويحرمون أنفسهم أحيانا في سبيل توفير حياة كريمة لأبناءهم، لكنهم يغفلون أيضا أن التربية وهي الجزء الأصعب في تنشئة الطفل تتطلب جهدا ووقتها وعزما، ولهذا لا بد لهم أن يكدحوا في سبيل معرفة ما تستلزمه التربية في عصرنا الحالي.

 

المشاكل والحلول:

بالطبع، لا يوجد حل سحري واحد لكل مشاكل تعرض الاطفال للمؤثرات على الانترنت، هناك مشاكل متعددة ولكل مشكلة حل مقترح، ولكن قبل أن نسرد هذا القائمة دعونا نتفق على أرضية ننطلق منها:

  • الحلول تختلف باختلاف النظام الذي يستخدمه طفلك، هل يستخدم جهاز لاب توب؟ جهاز من أبل بنظام iOS أم جهاز أندرويد؟
  • طفلك ليس سيئا، قد تجد محتوى غير لائق بجهازه أو في سجل التصفح، مشكلة الانترنت الكبرى ليست في البحث وانما في المحتوى الذي يتعرضون له بشكل جانبي، مثل الفيديوهات المقترحة او الاعلانات داخل التطبيقات.
  • الحديث في هذه التدوينة يتطرق للأطفال بين 1-9 سنوات، ما ورا ذلك تحدٍ جديد يكمن في معرفة الصبي أو الفتاة لحلول جانبية لتجاوز التقنين.

لنبدأ:

  1. مشاهدة فيديوهات غير لائقة او رسائل ذات ايحاءات منافية للعقيدة: لمثل هذه المشكلة استخدم تطبيق تيوبي، وبالمناسبة الفيديوهات التعليمية التي تشرح الالوان والاشكال والارقام والأحرف من اعظم المحتويات التي يمكن تقديمها لأطفالكم في سن مبكرة قبل الروضة، يلي ذلك في مرحلة الكلام المحتويات ذات اللغة العربية الفصحى مثل افتح يا سمسم.
  2. استخدام الجهاز لساعات طويلة: غالبا يبكي الطفل عند نزع الجهاز منه، استخدم تطبيق OurPact للتحكم بأجهزة أطفالي عن بعد، عند اغلاقها تختفي كافة التطبيقات من الجهاز ويصبح بلا فائدة فيرميه الطفل جانبا بشكل مباشر، كما يمكن استخدامه لتحديد وقت معين للاستخدام.
  3. تحميل تطبيقات بلا تحقق من مناسبتها: استخدم خاصية ScreenTime من أبل في اجهزتهم لحجب متجر التطبيقات، حجب متصفح الانترنت فلا يمكنهم الوصول أو تحميل أي تطبيق الا بعد مراجعتي له والتأكد من فائدته.
  4. تحميل تطبيقات على اللاب توب من متجر ويندوز: قمت بحذف المتجر وكافة التطبيقات المرافقة له باستخدام الأمر
    Get-AppxPackage -AllUsers | Remove-AppxPackage 
    للمزيد عن هذا الحل
  5. يستخدم الاطفال العاب في المتصفح على اللاب توب: قمت بتفعيل البروكسي باستخدام بروكسي محلي 127.0.0.1 واضافة المواقع اللازمة للدراسة عن بعد في قائمة السماح، للمزيد.
  6. ظهور اعلانات غير لائقة في التطبيقات المسموحة لهم: قمت باضافة VPN محلي يحجب كافة الاعلانات باستخدام هذه الأداة المجانية.
  7. يمكنك الاستعانة بحلول الشبكات مثل Google WiFi والتي تمكنك من تحديد ساعات استخدام محددة للانترنت لأجهزة محددة ومعرفة استهلاك ابناءك.
  8. الطفل ليس مهووسا بالانترنت، الطفل يكون مهووسا غالبا بالتنوع الذي تمنحه اياه شبكة الانترنت فأوجد له بدائل أخرى، الحلول الابتكارية مثل:

ختاما:

الهدف من هذه التدوينة ليس الاحاطة بكل شيء، الموضوع متشعب ولكن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، هناك دائما خطوات أولى نحو الاستثمار (وقتا وجهدا ومالا) في تربية أبناءك ليكونوا كما تتمنى، كما أن تأسيس اللجنة الوطنية لتقنين المحتوى الأخلاقي جاء ليسد فراغا في هذه الجهة وأتمنى أن تنبثق عنها مبادرات بناءة نحو تحقيق الهدف الأسمى، رزقكم الله بر أطفالكم وبلّغكم فيهم ما تتمنون.