بعد أن انقشع غبار مؤتمر LEAP الأول، وقبل أن نتحدث عن أبرز مكتسبات هذا الملتقى الكبير، دعونا نعود خطوة الى الوراء ونتسائل:

 

لماذا تقام مثل هذه المعارض حول العالم، وماهي الفائدة المرجوة منها؟

تتكون المعارض غالبا من 3 عناصر رئيسية كالتالي:

  • العارضون: الشركات الكبرى، المتوسطة والصغيرة، الجهات الحكومية والمنظمات غير الربحية، ويشترك هؤلاء في أهداف متعددة منها: التواصل مع الجمهور، بناء صورة ذهنية عن المنتجات المقدمة، تقديم آخر التطورات في المنتجات والخدمات التي يقدمها العارض، بناء العلاقات والشراكات التي تخدم أهداف العارضين، الإعلانات الجوهرية عن الصفقات والعقود، الاستثمارات والجولات الاستثمارية، مذكرات التفاهم والاتفاقيات الإطارية، والبحث عن عملاء أو مستثمرين محتملين.
  • الزائرون: التعرف على جديد السوق من ناحية الخدمات والمنتجات، بناء شبكة علاقات أوسع والتعرف على اتجاهات السوق التقنية، المقارنة السريعة بين الحلول المقدمة والالتقاء بعارضيها خلال وقت قصير، التأسيس لعلاقات عمل تبدأ من خلال المعرض، التعلم ونقل المعرفة من خلال اللقاءات وورش العمل المصاحبة، البحث عن الفرص الاستثمارية في الشركات الناشئة.
  • الدولة المنظمة: تحسين الصورة الذهنية للبلد المنظم حول الحراك الاقتصادي في قطاع معين، تحفيز القطاع المعني عبر إيجاد منصة تجمع بين مقدمي الخدمات والمنتجات مع مستهلكيها، تعزيز الانطباع حول البلد بوصفه قبلة لتجمع المهتمين بهذه الصناعة، رفع العائد الاقتصادي عبر تعزيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة FDI.

 

ماهي أبرز المعارض التقنية حول العالم حاليا؟

  • معرض CES: لاس فيغاس – الولايات المتحدة، وله فرع اسيوي في شنغهاي – الصين (قائم).
  • معرض CeBIT: هانوفر – ألمانيا، وأقام عدة نسخ متخصصة حول العالم (توقف في 2018).
  • معرض Computex: تايبيه – تايوان (قائم).
  • معرض MWC: برشلونة – اسبانيا (قائم).
  • معرض GITEX: دبي – الامارات العربية المتحدة (قائم).
  • معرض Web summit: لشبونه – البرتغال (قائم).

 

هل نحتاج الى معرض تقني مشابه في السعودية؟

حتى نبتعد عن العاطفة لنتكلم بلغة الأرقام:

  • يبلغ حجم سوق الاتصالات وتقنية المعلومات في السعودية قرابة 140 مليار ريال، تشكل الاتصالات منها قرابة 70 مليار وتقنية المعلومات 64 مليار إضافة الى الخدمات البريدية واللوجستية بواقع 6.4 مليار ريال.
  • السوق السعودي هو أكثر أسواق التقنية الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نموا ونضجا، سواء على مستوى الشركات الكبرى (stc هي العلامة التجارية الأغلى في مجال الاتصالات)، تمويل الشركات الناشئة قفز بمقدار 270% في 2021 مقارنة بـ 2020 وحل ثانيا بعد الامارات.

  • التوجه الواضح من الشركات الكبرى نحو الاستثمار في التقنية بشكل مباشر او غير مباشر عبر إطلاق صناديق استثمارية تهدف الى الاستثمار المباشر في الشركات الناشئة او دعمها ضمن مسؤوليتها الاجتماعية، مثل صندوق واعد من أرامكو السعودية وحاضنة InspireU من stc.

 

كيف كان السوق السعودي قبل LEAP؟

كمتخصص ومهتم في التقنية ومتابع لمستجداتها، كانت المعارض الإقليمية والعالمية هي السبيل الوحيد للتواصل مع المهتمين بشكل شخصي في هذه الصناعة حول العالم، جايتكس في دبي و MWC في برشلونة و Web Summit في البرتغال كانت منصات لمعرفة الجديد والالتقاء بالشركات والشركاء، لتأسيس تفاهمات نعمل عليها سوية طوال العام، حتى المعارض المتخصصة بشكل كبير في الاتصالات وتقنية المعلومات مثل MWC أفردت جزءا جديدا للشركات الناشئة لعرض منتجاتها والالتقاء بعملاء ومستثمرين محتملين، بينما كان الحراك المحلي محدودا بعض الشيء خصوصا في مجالي الاتصالات وتقنية المعلومات وجيدا الى حد ما في مجال الشركات الناشئة والاستثمار بحكم استغلالها للانترنت في التسويق ونشر البيانات، كان الوضع العام واعدا ولكنه مبعثر، لا زلت أتذكر المحاولات الخجولة لمؤتمر جايتكس بنسخته السعودية، عرب نت بنسخته السعودية، فعاليات الشركات الناشئة مطلع العقد الماضي مثل ستارت اب ويكند وغيرها، قدمت خدمات جليلة للصناعة لكنها لم ترتق الى حجم وزخم السوق السعودي، ولهذا كانت الحاجة الى منصة عملاقة تناسب ضخامة السوق كبيرة وماسة.

 

ماذا قدّم لنا LEAP في نسخته الأولى مقارنة بالأهداف العامة لمثل هذه المعارض؟

  • العارضون: 716 شركة، 1500+ شركة ناشئة، 330 صندوق استثماري، 509 متحدثين، من 129 دولة.
  • الاستثمارات: إضافة الى عدة جولات استثمارية لعدد من الشركات الناشئة، كان هناك استثمارات كبرى مثل:
    1. شركة stc تستثمر 1 مليار دولار في الكوابل البحرية ومراكز البيانات (بنية تحتية).
    2. شركة أرامكو تطلق صندوقا بقيمة 1 مليار دولار للاستثمار في الشركات الناشئة (Startups).
    3. صندوق الاستثمارات العامة PIF بالشراكة مع مجموعة علي بابا يطلقان صندوقا بقيمة 2 مليار دولار للاستثمار في الشركات التقنية (Startups).
    4. نيوم تخصص 1 مليار دولار للاستثمار في تطبيقات الميتافيرس (New Technologies).
  • نقل المعرفة: احتفل معسكر طويق بتخريج 1000 سعودي وسعودية كمطورين من عدة فعاليات أقامها في 13 منطقة حول المملكة، والتي تهدف الى تأهيل 100 الف مبرمج ومبرمجة بحلول عام 2030.
  • الصورة الذهنية: قدم LEAP قفزة كبيرة للصورة الذهنية عن السوق السعودي وحجمه خلال 3 أيام، هذه الدفعة كانت ضرورية لكل العاملين في هذا المجال من مشرعين وشركات ومستهلكين لكي يأخذوا بسوقنا نحو حجمه الطبيعي إقليميا وعالميا، كما أنها كانت ضرورية نحو الارتقاء بسمعة المملكة العربية السعودية في المجال التقني ومدى نضجه من عدد نواح كالبينة التحتية، الخدمات الرقمية وسهولة الوصول والاستخدام وهي أحد المقومات التي سهّلت التعامل مع جائحة كورونا بشكل كبير وبشهادات دولية.

 

كيف أرى مستقبل LEAP في نسخه القادمة؟

لا أرى المقارنة مع أي من المؤتمرات المشابهة حول العالم عادلة ولا أحبها، لسبب بسيط وهو أن سوقنا مختلف وواعد (اطلع على: ماذا لو: نحو تحفيز الابتكار والاقتصاد الرقمي السعودي)، والهدف من إقامة هذا المؤتمر يجب أن يكون بالدرجة الأولى تسليط الضوء على التقدم الكبير الذي يعيشه السوق من عدة نواحٍ منها على سبيل المثال لا الحصر: (الوصول الكبير للانترنت ونسبة الهواتف الذكية– التقدم الكبير للتحول الرقمي في القطاع الحكومي والخاص – القوة الشرائية العالية والتي تضعنا في مصاف دول تكبرنا حتى بعشر مرات من ناحية عدد المستهلكين – الاستهلاك العالي للخدمات والمنصات الرقمية والنضج العالي بغض النظر عن الشريحة العمرية)، كل هذه المزايا المتفردة كافية وأكثر ان تبرز أهمية سوقنا من ناحية الابتكار في الخدمات، تزيد من شهية الشركات العالمية لتقديم اخر الحلول والخدمات للمستهلك السعودي والشركات السعودية، لأن الاقتصاد الرقمي بخلاف الاقتصاد الصناعي أسهل في البدء، أسرع في النمو والدخول الى أسواق مجاورة وعالمية، وأكثر مساهمة في خلق الوظائف وتعظيم المحتوى المحلي وبالتالي الناتج المحلي.

 

ختاما،

  • شكرا لسيدي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان على التوجيه بأن يكون مؤتمر LEAP سنويا ولكل الدعم الذي يلقاه قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات ضمن رؤية المملكة 2030.
  • شكرا معالي وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس عبدالله السواحة على نقل الجهود في هذا القطاع إلى عمل مؤسسي ضخم يلبي احتياجات كافة المستفيدين والعاملين.
  • شكرا لكافة الجهات الحكومية التي ساهمت في هذه النقلة النوعية، وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، هيئة الحكومة الرقمية، الاتحاد السعودي للامن السيبراني والبرمجة والدرونز.
  • شكرا لكافة الشركات الكبرى التي شاركت وساهمت بشكل ملحوظ في تأسيس وتعميق ونضج سوق الاتصالات وتقنية المعلومات.
  • شكرا لكل الشركات الناشئة التي حملت راية الابتكار والتطوير والرقمنة في عدة مجالات وصناعات كالتجارة الالكترونية، الامن السيبراني، التقنيات المالية، حلول البيانات، التقنيات العقارية، التقنيات التعليمية وغيرها.
  • شكرا لكل الصناديق الاستثمارية المحلية والإقليمية والعالمية التي ساهمت في الشركات الناشئة السعودية.
  • شكرا لكل من ساهم في التنظيم، المشاركة، الزيارة، ولكل من وضع صناعة تقنية المعلومات في مكانها الصحيح، أما فيما يخص بعض المشاكل التنظيمية مثل الازدحام ومواقف السيارات فمتأكد أنها مشاكل عابرة وسيتم حلها في النسخ القادمة بإذن الله.