هذه السلسلة تأتيكم بالتعاون مع مبادرة العطاء الرقمي – مبادرة تخصصية غير ربحية برعاية وزارة الإتصالات وتقنية المعلومات، تهدف إلى نشر الوعي الرقمي بين جميع أفراد المجتمع.

يعد مجال الاعلانات المدفوعة أحد أقل المجالات في سلسلة التسويق الرقمي من حيث اهتمام السعوديين بتعلمها والعمل فيها، رغم أنها مجال خصب وبيئة واعدة للغاية، ولا أجد تفسيرا لهذا العزوف سوى عدم الرغبة في العمل لدى الوكالات العالمية التي تشغّل أكثر ميزانيات التسويق الرقمي في سوقنا، لكني أجزم أنها أحد الفرص الكبرى والمهمة للعاملين في هذا المجال.

قبل أن نبدأ الحديث عن الاعلانات المدفوعة، يجب أن نفرّق بين نوعين من الاعلانات:

  • الاعلانات المدفوعة لرفع الوعي – Awareness/Branding
  • الاعلانات المدفوعة لتحقيق هدف معين Conversion/Performance

والفرق بين الاثنين واضح وجلي ولكن أهدافهم مختلفة للغاية، وقبل أن نتطرق الى الفروقات دعونا نلقي نظرة على مسار الرسائل التسويقية الثلاث أو الأربع في بعض الدراسات(وأكثر من ذلك في دراسات اخرى لكن لنرتكز على الاساسيات هنا):

 

  1. الوعي Awareness: وهو محور حديثنا لهذه التدوينة، وهي أول مراحل الرسالة التسويقية الموجهة للمستخدم او العميل، والهدف منها هو اعلامه بوجود علامة تجارية، خدمة، منتج، معين، وينتهي دور الرسالة هنا دائما، ولا نطلب من المتلقي القيام بأي تصرف كالشراء او الاشتراك او تعبئة نموذج، وانما نكتفي بأن يبلغ علمه ان هناك شيء معين بهذا الاسم، يقوم بهذا الهدف، مثل ان تكون شركة البان جديدة، او منتج جديد من وزارة معينة، لكننا لا نشرح او نسوق لهذا المنتج او الخدمة، وانما نكتفي بتسجيل حضورنا في ذهن المتلقي.
  2. الاهتمام Consideration: وهي المرحلة الثانية من الرسائل التسويقية وفيها نتقدم خطوة الى الامام بايضاح مميزات المنتج او الخدمة لكي نكون خيار المتلقي الاول عند حاجته لهذا الصنف من المنتجات او عند الاحتياج الى هذه الخدمة.
  3. التحول Conversion: وتكون الرسالة التسويقية في هذه المرحلة بغرض البيع او الاشتراك او التسجيل او تحميل تطبيق، بمعنى أننا نحدد طلبا واضحا نرجو ان يقوم المتلقي بتنفيذه.
  4. الولاء والتأييد Loyalty & Advocacy: وفي هذه المرحلة تكون الرسالة التسويقية هي للاهتمام بالعملاء الحاليين وتعزيز انتمائهم لهذا المنتج او تلك الشركة وتحفيزهم ليكونوا سفراء للمنظومة او العلامة التجارية.

الملخص اعلاه هو أساس تسلسل الرسائل التسويقية في أي حملة، وحديثنا اليوم سيكون مركزا على المرحلة الاولى فقط وهي رفع الوعي، كثيرا ما تخطيء بعض الشركات غير المعروفة ببدء حملة تسويقية عبر القفز الى المرحلة الثانية، وتدخل في منافسة سعرية على سبيل المثال دون ان تكون معروفة لدى المتلقي، وما يحدث غالبا في مثل هذه الحالة هو ان الشخص قد يشتري هذه المرة لكنها ستكون المرة الوحيدة، لأن دافعه للشراء من هذا المنتج كان سعريا بالدرجة الاولى ولكن الشركة لم تبن سمعة لها في ذهن المتلقي، والاتجاه الصحيح دائما يكون نحو بناء الصورة الذهنية اولا لدى المستهلكين ومن ثم الانتقال الى المرحلة التالية.

هل هذا الكلام يعني ان الشركات المعروفة لا تحتاج الى مرحلة بناء الوعي؟ لا، على النقيض، لا بد ان تعزز الشركات مركزها في ذهن المتلقي دائما عبر حملات تسويقية هدفها التواجد وبناء الصورة الذهنية دون التطرق الى منتجات او خدمات، وغيابها عن هذا المجال يفسح الطريق نحو المنافسين لاحتلال مكانها في ذهن المتلقي، وهو ما نراه دارجا في الرسائل غير التسويقية التي تقوم بها الشركات والمنظمات في رمضان والاعياد واليوم الوطني وخلافها من المناسبات الاجتماعية.

الان وبعد تأسيس فهم عام لأهمية رفع الوعي في الرسالة التسويقية على القنوات المملوكة للمنظمة كالموقع الالكتروني والتطبيق والشبكات الاجتماعية، يأتي دور الاعلانات المدفوعة نحو الوصول الى شرائح أكبر قد لا تكون متاحة لنا في القنوات المملوكة، عبر الاعلان المدفوع في المنصات الاربعة: (محركات البحث – الشبكات الاجتماعية – مواقع بث الفيديو – الاعلانات المرئية Display Banners)، والاعلان من خلال هذه المنصات له أدوات قياس متعددة لكن في مرحلة رفع الوعي او Awareness يكون الهدف دائما هو الوصول او Reach بمعنى كم شخصا استطعنا ايصال رسالتنا التسويقية له، ولأننا لا نرغب ان يقوم المتلقي بالقيام بأي تصرف فإننا نهتم بعدد مرات الظهور وتكون أداة القياس غالبا هي CPM = Cost Per Mile او تكلفة الظهور لألف مرة، ومن الجدير بالذكر هنا الاشارة الى أهمية التركيز على موضوع تقييد عدد مرات الظهور للشخص الواحد، بمعنى أن لا يظهر اعلاننا للشخص الواحد اكثر من 3 مرات اسبوعيا على اختلاف المنصات او ما يسمى بالـ Capping وله فائدتين رئيسيتين:

  1. تجنب الظهور بمظهر المعلن السيء الذي يظهر بكثرة.
  2. زيادة الكفاءة الاعلانية بالوصول الى عدد اكبر بعد تقييد عدد مرات الظهور للمستخدم الواحد.

يمكن اعتبار الاعلان عن طريق الفيديو ايضا احد طرق رفع الوعي عبر الاعلانات المدفوعة ايضا ويتم احتسابها بطرق مختلفة بحسب المنصة، وتسمى “التكلفة لكل مشاهدة” او CPV = Cost Per View ورغم أنها قد تكون احد طرق اعلانات المرحلة الثالثة وهي التحول إلا أنني أميل الى ان تكون ضمن مرحلة رفع الوعي بدرجة أكبر.

ختاما، الاعلان عبر المشاهير رغم أنه يستخدم احيانا لايصال رسالة تسويقية تتعلق بطلب الشراء او تحميل تطبيق وهو ما يصنف ضمن مرحلة التحول او Conversion باستخدام تكتيكات مثل Tagging or Attribution الا أن فاعليته الكبرى تكون غالبا في رفع الوعي بسبب الوصول الهائل للمشاهير، لكن يتفاوت المعلنون في طريقة تعاملهم مع هذا النوع من الاعلانات.